حكم الضعيف عند السلف

 









      سليمان صوري بوركينافسو 


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم. 


هل يحتج بحديث ضعيف في الفضائل عند السلف خاصة إذا لم يكن شديد الضعف أو موضوع ؟؟ . 


الجواب : نعم ؛ ولا نبالي باحتمالات بعض المتأخرين و نفيهم إذ القدوة بالسلف لا غيرهم كما يقول المتمسلفون! . 


قلت: قال الدارقطني في سننه رقم [4523]:حدثنا محمد بن مخلد حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبى حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا إدريس الأودي عن سعيد بن أبى بردة وأخرج الكتاب فقال هذا كتاب قال فيه عمر بن الخطاب : المسلمون عدول بينهم بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجربا في شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو في قرابة فإن الله تولى منكم السرائر ودرأ عنكم بالبينات ....... فإنه من يخلص نيته فيما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس ومن تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك شانه الله.


 وأثبته الألباني في الإرواء ج8 ص243 .

 


              أقوال السلف👇:


وفي فتح المغيث ج1 ص267 قال الشافعي :المرسل يحتج به إذا لم يوجد دلالة سواه. 


وقد ثبت عن الإمام أحمد أنه قال: إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والاحكام تشددنا، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد: انظر الكفاية للخطيب البغدادي ص135 - وابن رجب الحنبلي في طبقات الحنابلة ج 1ص95 


وعن الإمام عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال تساهلنا في الأسانيد، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام تشددنا في الرجال: انظر الجامع لأخلاق الرواي للخطيب البغدادي. 


وقال ابن معين في موسى بن عبيدة :يكتب حديثه في الرقائق! علل الترمذي ج1 ص372 


وقال ابن مبارك :يحتج بالحديث الضعيف. راجع الجرح والتعديل ج2 ص30. 


وقال أحمد و ابن مهدي وأبي زكريا العنبري وابن عبد البر :يحتج بالحديث الضعيف في الفضائل راجع علل الترمذي ج1 ص371 


ومثل ذلك قال الهيتمي كما في قوائد علوم الحديث ص93. 


وقال النووي في الأذكار ج1 ص2 :قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز العمل في الفضائل والترغيب و الترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعا . 


وفي الكفاية ص213 وفتح المغيث ج1 ص267 : قال أحمد : الأحاديث الرقائق يحتمل أن يتساهل فيها حتى يجيئ شيء فيه حكم. 


وفي فتح المغيث ج1 ص267 : قال أحمد :ابن إسحاق رجل تكتب عنه هذه الأحاديث يعني المغازي ونحوها وإذا جاء الحلال والحرام أردنا قوما هكذا وقبض أصابعه الأربعة .ومثل هذا في شرح علل الترمذي ج1 ص372. 


وفي الموضوعات لابن الجوزي ص35 كان أحمد يقول : يعمل بالضعيف إذا لم يكن ما يعارضه. 


وقال ابن حبان في الثقات ج7 ص492 : بل يحتج بخبر من يخطئ ما لم يفحش ذلك منه . 


وفي الإعتصام ج1 ص226 قال الشاطبي : كلام أحمد ومن وافقه دال على أن العمل بالحديث الضعيف يقدم على القياس المعمول به عند جمهور المسلمين؛ بل هو إجماع السلف رضي الله عنهم . 


وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ج1 ص6 : ومنهم الصدوق الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والسهو والغلط فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب و الزهد والأدب ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام. 


وفي شرح علل الترمذي ج1 ص372 قال سفيان الثوري : لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم، الذين يعرفون الزيادة والنقصان، ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ.


وفي ج1 ص372 قال ابن معين في زياد البكائي: لا بأس به في المغازي، وأما في غيرها فلا.وإنما يروى في الترهيب والترغيب والزهد والآداب أحاديث أهل الغفلة الذين لا يتهمون بالكذب. فأما أهل التهمة فيطرح حديثهم، كذا قال ابن أبي حاتم. 


قال ابن تيمية في مجموع فتاويه ج1 ص250 - 252 :أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوّزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب! . 


وفي ج18 ص65 قال :قال أحمد بن حنبل إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الإسانيد وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد؛ وكذلك ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال. 

وأثبته ابن القيم في إعلام الموقعين ج1 ص32 . 


وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم ج1 ص103 : وأهل العلم بجماعتهم يتساهلون في الفضائل فيروونها عن كل وإنما يتشددون في أحاديث الأحكام . 


وقال السخاوي في فتح المغيث ج1 ص351 : قد حكى النووي في عدة من تصانيفه إجماع أهل الحديث وغيرهم على العمل به في الفضائل ونحوها خاصة.فهذه ثلاثة مذاهب أفاد شيخنا (ابن حجر) أن محل الأخير منها حيث لم يكن الضعف شديدا، وكان مندرجا تحت أصل عام ; حيث لم يقم على المنع منه دليل أخص من ذلك العموم، ولم يعتقد عند العمل به ثبوته، كما بسطتها في موضع آخر.


وقال الألباني بعد كلام :وخلاصة ذلك أن كل من يريد العمل بحديث ضعيف ينبغي أن يكون على علم بضعفه..... 

راجع ملتقى أهل الحديث ط٢ ج24 ص 175 . 


أما القول أن البخاري ومسلم من المانعين الإحتجاج بالضعيف في الفضائل ففيه نظر؛ من أين صرحوا على ذلك ؟ 


أما الإمام البخاري فلم يتكلم حول هذا الأمر بتاتا! بل نراه يمزج الضعيفة بالصحيحة في كتابه الأدب المفرد إحتجاجا لا إنكارا !!  


أما الإمام مسلم فقد تكلم المتهمين والمناكر وتخليط فاحش؛ إسمع ما يقول في مقدمة صحيحه👇:


قال ج1 ص4 : إنا نتواخي أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب لم يوجد في روايتهم إختلاف شديد! ولا تخليط فاحش !! . 


وفي ج1 ص6 قال : فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون! فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم وكذلك من الغالب على حديثه المنكر!! . 


وفي ج1 ص7 قال : يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة والرواية المنكرة ... 


هذا غاية ما قال مسلم في مقدمة صحيحه؛ وقد رأيت بأم عينك أنه تكلم عن (المناكر وأحاديث مهتوم ومختلط فاحش واختلاف شديد). 


أما نحن نتكلم عن الضعيف غير الشديد في الفضائل كما أثبته شيوخ مسلم قبله؛ ومسلم يتكلم عن المنكر؛ وجميع المحدثين اتفقوا في عدم الإحتجاج بالمناكر . 


ومن خلال هذا البيان تعلم أن الإحتجاج بالضعيف في الفضائل إتفاق عند المحدثين خاصة في القرون الثالثة حتى القرن الخامس ثم ظهر ابن حزم بتشدده وقال في الملل والنحل ج2 ص69 أنه لا يأخذ حديث المجهول أو المغفل ولا يأخذ حديث موقوف على صحابي!!  


ومع هذا نراه يحتج بمرسل في كتابه المحلى ج11 ص108 فقال : وإن كان لا يحتج به بإرساله لكن معناه صحيح بالنصوص! . 


أما قوله في الإحكام ج1 ص143: أنه لا يحتج بالضعيف في الرقائق. فقد قيده بقوله (رواية فاسق) . 

فقلت : رواية فاسق مردود عند جميع الحفاظ لا اختلاف فيها .


ولو سلمنا أن ابن حزم نفى كل ضعيف بمراتبه لقلنا :هذا من شواذه ليس له قدوة في السلف. نحن مع هؤلاء السلف ابن معين وابن مهدي وابن حنبل وابن مبارك والشافعي وسفيان الثوري وغيرهم من الكبار .  

أما مذهب مالك وأبي حنيفة فاحتجاجهم بالمراسل والمجاهل فمعروف!! . كما في الروض الباسم .ففي شرح النووي على مسلم ج1 ص30 قال : يحتج بالمراسل مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وأكثر الفقهاء . 


ونطالب المتشددين أن يأتوا بثلاثة أعلام من السلف منعوا الإحتجاج بالضعيف في الفضائل فلن يستطيعوا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا . 


وصل اللهم على سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين .

إرسال تعليق

أحدث أقدم